قصة الرواية التي أخرها الكسل.

.

 {الرواية التي لا تنتهي}

الرواية .. ربما تبدو للكثيرين شيئاً مميزاً وفريداً “كاتبٌ روائي” لقبٌ لطيف وفخمٌ بنسبة ما ولكن ها انا ذا ولم اكمل روايتي التي بدأتها منذ سنتين (أو أنني أنهيت فصولاً غير مترابطة) وبكل الأحوال ربما لا اكملها اصلاً فقد كنت عازماً أن اكملها قبل العشرين ولكن ها نحن في نوفمبر !!

وفي يناير القادم سأكون أنهيت العشرين عاماً أي لم يتبقى سوى شهرين وبضع يوم .. والغريب أنني لم اعد شغوفاً بـ الحصول على الرواية الأولى أو على إصدار كتابي الأول أياً كان وربما الآن أنا شغوفٌ جداً بكتابة المقالات التي تتكلم عن كل شيء وبطريقةٍ ما أنا لم اتوقف عن كتابة المقالات ولكن بشكلٍ غير واضح وعبر قناة التيليجرام والتي بشكلٍ ما كانت محدودة الوصول للجميع وبالتالي لم يكن الجمهور كبيراً (وهذا جيد) وبالمقابل سرعان ما قمت بحذف القناة وانهيتُ مشواري على تلك المنصة التي خرجت منها غير عازمٍ على العودة … 

ولأن الرواية شيءٌ “فخم” ومميز وقد يستغله الكثير من الشباب لـ إغراء الفتيات قليلات العقل … وهذا اسلوبٌ معروف (هل تحبين القراءة؟ نعم… أوووو أنا كاتبٌ وشاعرٌ ورومنسيٌّ يا سيدتي!) وهكذا وقد عرفتُ غير واحدٍ كان يدّعي أن لديه موهبة الكتابة ولكن سرعان ما ذاب الجليد “الزحفيّ” (وكلمة “زحف” هي مصطلح عراقيّ يعني التقرب إلى الفتيات عموماً فيسمى الزير “زاحفاً”) وهكذا بانت حقيقة كثيرٍ منهم ومن الغريب أن الناس في مجتمعنا غير مثقفين بما فيه الكفاية لمعرفة الهراء من الكتابة ويظنون أن أي شيء بالعربية الفصيحة إما أن يكون شعراً لا نفقهه أو نصاً كتابياً عظيماً ولا ندرك عظمته (لذا فهو رائع لأن معانيه غير واضحة) وحقيقة الأمر أنه غير واضح لأنه هراءٌ كتابيٌّ لا اكثر والشاعر الذي ترونه ليس سوى “شعرور” (وهو مصطلحٌ فصيح؛ والشعرور هو مدّعي الشعر) وهكذا يجتمع حوله المتثاقفون والهرّائون وجميع طبقات المجتمع الرديئة التي ليس لديها سوى بضاعة مستوردة … 

والبضاعة المستوردة هي تلك التي ليست من المجتمع وليست ذات طابعٍ علميّ فهو إنما أتى بها عن طريق “الدحيح” مثلاً ولم يراجع مصادرها أصلاً لثقته العمياء بالدحيح وعلى طاري الدحيح فهو ينوه دائماً على التأكد من المصادر ولكن حقيقة الأمر أنه متيقٌ من أن العرب لا يقرأون ولو كانوا يقرأون لما ظهر وتكلم أساساً ولكنهم لا يقرأون  ولا ينوون القراءة حتى وهم مستعدون لإيداع عقولهم رهن معلوماتك على أن يقرأوا ويتأكدوا أن مصادر الدحيح أصلاً ليست مصادر يعتد بها علمياً وأنها غالباً وجهاتُ نظر … تخيل الآن المشهد أيها القارئ الموقر؛ شبابٌ يتناقشون في وجهات نظر بعض مغتصبي الأطفال أو المتحرشين أو اللواطين أو السحاقيّات أو غيرهم من المنحرفين (فالغرب جُلّه منحرف) ويتناظرون ويتناحرون على وجهة نظر داعرة يظنون أنها أعلم أهل الأرض … ما الذي سينتج عن هذا النقاش؟ نعم… جيلٌ همجي لا قيمة له لأنه ببساطة يحارب لأجل غيره ولا يسمو إلى هدفٍ حقيقي (شريف وله أصلٌ شريف) وهذا ما يريده العدو منك … 

فـ هذه الحرفة -اعني الكتابة- حرفة خطيرة وليس لأي أحدٍ أن يخوض فيها فـ أولاً؛ تحتاج إلى العلم الحقيقيّ وتبدأ هذا من أول الحاجات المعرفية وهي معرفة الله عز وجل ومعرفة نبيّه صلى الله عليه وسلم ومعرفة دينه وشريعته وثانياًَ؛ التعرف على التراث الإسلامي العربي (وكلمة “العربي” صفة زائدة فـ الإسلاميّ عربيٌّ غالباً ولكنّي استعملها لأن المسلمين يتحسسون من الإسلام بطريقةٍ ما) وهذا التراث هو الد أعداء الأعداء(الغرب ومن شاكلهم) لأنه ببساطة يحكي لك قصة الحضارة التي أنارت الأرض بالعلم وأنارت صدور الرجال بما حملوا من مكارم الأخلاق وعقائد الإيمان الراسخة والتي ببساطة ترفض الذل وترفض الكفر وترفض التهميش وترفض الدعر والداعرين (وهم يحبون الدعر والخمر واذلال البشر والشر) وثالثاً: إقرأ الكتب العلمية وانأى بنفسك عن هراء الروايات فهي غالباً مضيعة للوقت وحقيقةً ورقةٌ من كتابٍ علمي مثل كتاب الخصائص لـ ابن جني (وهو شارح ديوان المتنبي) قد تجعلك واعياً بجهلك المطبق وبـ قوة هؤلاء العلماء الذين لا همّ لهم سوى العلم والأدب أو إذا ابتعدت عن اللغة وعلومها وذهبت لتقرأ كتاب الحيوان للجاحظ فـ سوف ترى العجب ولو قررت الدخول إلى العالم الأعلى شرفاً وهو عالم العلم الشرعي وقرأت زاد المعاد في هدي خير العباد لـ العلامة ابن القيّم رحمه الله سوف ترى عجباً عُجاباً وتقول: حقاً؟! ماذا كنت أفعل تاركاً هذا التراث العالي النفيس؟؟؟؟!!!! 

ولكن اعلم أيها لاقارئ الموقر أن القراءة لا تأتي هكذا فجأة … وليس لها علاقة بالقهوة (أنا اكتب هذا المقال بعد الفطور ولم اشرب قهوةً أو شيءً من ذلك) ليس عليك سوى التدرّج في القراءة وابدأ بالكتب البسيطة والتي لا تحتاج إلى معارف مسبقة كـ كتب ابن القيم مثلاً أو كُتباً مثل “الرجل النبيل” و “لأنك الله” و “الماجريات” وربما ارشّح لك بعض الكتب لاحقاً .. وقبل هذا كله لا بد من معرفة الله عز وجل لذا اقرأ كتاب “الأصول الثلاثة” وستجد عدداً لا بأس به من الشيوخ يشرحونه وهو كتابٌ بسيطٌ جداً لكنه مهمٌ جداً وبعد هذا كله عليك أن تستمر بالتعلم فـ التعلم عملٌ تراكميّ لذا لابأس بالقليل والقليل ولكن باستمرار … 

ونعود إلى الرواية؛ربما يتوقف المرء عن عمل شيءٍ ما لأنه أدرك أن هناك ما هو أهم وما هو أسمى وأفضل والخوض في طلب العلم أكثر أهمية من إخراج العلم على أية صورة ولهذا يبدو لي أن الإستمرار في التعلم لفترة أطول أفضل بكثير من قضاء الوقت في حياكة قصة قد لا يدرك مغزاها إلا القليل بينما المقالات التي مثل هذه واضحة التعبير وصريحةٌ في موضوعها وربما يكون طرحها مزعجاً للكثير … ولكن أعلم أن الكثير لا يقرأ لذا لن ابالي بنشرها في كل المنصات المتاحة 🙂 

– احمد ناظم || بتاريخ: ٦ \ ١١ \ ٢٠٢٣


كتب هذا المقال الكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *