قصة بلا عنوان

.

“بلا عنوان”

‏بعد ان عرف عنوان بيتها واستجمع كل مشاعره وامسكها بكل قوته كي لا يفرط من الحنين … في عشر سنين
بحث وبحث وجال ودار في قطع الأرض حتى وصل!

يطرق الباب برفق
فيخرج إليه رجل عجوز
عجوز الوجه فحسب ، كان شاباً مريباً كأن المصائب والمآسي تخرج من بين تجاعيد وجهه
ينظر إلى الرجل بلا مبالاة وكأنه لا يراه فعيونهُ لا تقع على العيون ولا تحدد وجهتها … يبدو عليه الثمالة لوهله
لكنه في بلد ليس فيها خمور

سألهُ الرجل قائلاً: هذا بيت ولاء؟
فإذا بالعجوز يصيح صياحاً كما يصيح الديك عندما يُذبح !
وخر ساقطاً لا تقوى قدماه على حمله ولا حتى الأرض!

فهرع صاحبنا إليه فأعاد سؤاله :ماذا حصل يا عم؟
هل اصيبت ولاء بمكروه؟

فتمتم العجوز في اذن الرجل قائلاً : ولاء ماتت قبل أمس وما ماتت انا اراها تروح وتجيئ في البيت تضحك وتبتسم

يتجمد وجه الرجل وهو يسمع كلام العجوز وتختفي الدنيا من امامه لتتجلى صورة المحبوبة التي افنى عمره في البحث عنها ، تنزل دمعتان يتيمتان تعكسان صورة بديعة من جمال الحياة ، فاتحاً فاه ، تتراخى يداه ويكاد يغشى عليه ولكن
ليس هو!
ليس هو الذي لا يفي !
حاول إخراج نفسه من هول ما سمع ورأى
إستجمع قواه
مسح الدمعتان واغلق فاه بيده لأنه وجهه لم يعد إلا صفحةً رُسم عليها رسمةٌ باهتة بلا معنى وبلا حياة

حمل العجوز واجلسه وقال له : دلني على قبرها!
فقال:هناك حيثُ قالوا انها ماتت هناك حيث دفنوا جثة تشبه ولاء ولكن ولاء لم تمت قل إنك لا تصدق ما قالوا!
قال : لم تمت … لم تمت

فلما بلغ شاهد القبر تدلى عليه وجلجل صدرهُ بأصوات النحيب وكأنه طفل ما فقد امه لعشر مرات ولم يبكي إلا في المرة العاشرة!


كتب هذا المقال الكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *