رُبما وما أدراك ما رُبما … عبارة بين الشك واليقين وبين الحقيقة والخيال ورُبما تكون هذه المقالة أسوأ من التي قبلها ولكن لا بأس أيها القارئ اللبيب فـل نناقش بعض الأشياء؛
يسوغ في كثيرٍ من مجتمعات هذا البلد الذي لا يهدأ متغيراً من حال إلى حال يكثر اللوم الذي لا طائل منه وتكثر الحسرات التي لا يعلم أحدٌ ما نتيجتها ولكن في النهاية الكل يريد أن ينزع عن كاهله ثوب الإتّهام وسوط التوبيخ والملامة الحقيقية التي بلا شك واقعة فينا وعلينا جميعاً (وهذا ليس تهرباً)
وتتصف هذه الظاهرة (أعني اللوم) بـ صفة رئيسية هي الأكثر ظهوراً وهي “الأنانية” وقد تتسائل لمذا قد أصدق كلامك أو أسلّم لك؟! في الحقيقة أنا لم أطلب هذا منك أصلاً ولكنّك تفترض أن كل ما يمكن قراءته وسماعه يجب أن يصدّق وبطريقةٍ ما يُكذّب إذا كان على غير هوى القارئ السعيد وهذا ضربٌ من الأنانية التي كنت سأشرع في الكلام عنها لأنه وببساطة يرى العاذل(وهو الذي يلوم غيره لوماً شديداً) نفسه خارج إطار الإدانة إذا عبّر عن برائته بـ لوم الطرف الآخر … ومثالٌ على هذا أصحاب المعدلات المتدنية في السادس الإعدادي فـ جرب سؤال أحدهم عن أسباب تدني مستواه الدراسي ليكون معدله أقل من درجة الحرارة في الصيف وفتش في كل الأسباب وسوف ترى العجب؛
– ظروووف!
– المدرسين مو زينين
– هو وين أكو واهس للدراسة؟!
– ما عندي فلوس للدورات
– قابل أبوية وزير لو دكتور حتى اجيب معدل
– هي الأسئلة خارجية
– مو صوجي صوج الوزير
وهلم جراً حتى تصل إلى نهاية الطريق؛
ببساطة يمكن للأسوياء(وهي جمع سوي أي: شخص طبيعي) أن يقول لك: لم أجتهد كفاية,وهذا ما استطعتُ تحصيله .. ويعترف بقصوره الذاتيّ ولا يلقي باللوم على السماوات والأرض ويُعلّق تخبطاته وعاداته السيئة التي أحكمت قبضها على حياته على شماعة الـ “مو صوجي صوجهم” وهذه شماعة رهيبة ولا غنى لأحدٍ عنها وقِس على ذلك أغلب الأحداث في العالم وستجد الجميع يتجنب الإعتراف ويقدّم الشماعة الصوجية لـ يرفع عن نفسه الذنب الواقع عليه لا محالة
وأصل هذه المشكلة هو عدم توكيد الذات فـ بالتالي الخوف من الإدانة ولكن العقلاء والذي يؤكدون ذواتهم ويوضحون بكل صراحة “نحن بشر ونُخطئ” وكما قيل ” الإعتراف بالذنب فضيلة” وبطبيعة الحال لن تكون فضيلة إلا لصعوبة التعبير عنها لأن الإنسان دائماً ما يبحث عن العذر الذي يغطي عليه ونسي أن عذره الأكبر هو أنه إنسانٌ يخطئ ولا يحتاج إلا إلى توكيد ذاته والإعتراف بأخطائه وأن عليه جزءًا من اللوم مع عدم الزيادة على نفسه وتحميلها ما ليس ذنبها فـ هذا أسوأ …
وفي النهاية؛ رُبما تكون ملاماً أو لائماً وفي كلتا الحالتين هوّن على نفسك وعلى غيرك ولا تكُ شديداً فلا تُطاق لائماً وملوماً وكما قيل: أحبب حبيبك هوناً ما,عسى أن يكون بغيضك يوماً ما, وابغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما … وأيضاً لا تنسى أن النفوس مجبولة على كراهة الإعتداء واللوم في غيره محله إعتداء فـ كثيراً ما يكون بلا نفعٍ أصلاً فما الفائدة إذاً من إفساد العلاقات؟ وتخريب الألفة وتمزيق روابط الود والحلم والعفو والمرونة في تقبل الأخطاء … أنت في النهاية تعيش مع بشر فـ أحسَن كما تُحب أن يُحسَنَ إليك.
أحمد ناظم
بتاريخ ٩/١١/٢٠٢٣
اترك تعليقاً